" وفى ليبيا أيضا الشعب يريد "
مظاهرة 17 فبراير 2011

تحت هتاف بات لا يحتاج الى كثرة شروح .. تحت هتاف بات يختصر تطلعات جيل جديد .. تحت هتاف " الشعب يريد إسقاط النظام " إجتمع ما يقرب من 750 متظاهر .. ما بين رجل وإمرأة وطفل .. على الرصيف المقابل للسفارة الليبية بلندن .. اليوم الخميس الموافق 17 فبراير 2011 .
تنقلت بين الحشد الكبير فوجدت أنه قد تنوع فى كل شيء .. من السن والجنس وحتى التوجه .. غير أنه إتفق ـ هذه المرة ـ على أمر واحد هو المطالبة بضرورة تنحية النظام عن سدة الحكم .
وكنت قد كتبت منذ فترة قريبة جداً بأن المروغة فى الإستجابة للمطالبات تعمل على تغيير طبيعة الأجندات .. أما سقوط الشهداء فى الحِراك السلمي فيغير يقيناً من طبيعة الفاتورة .. وهو ما أكدته ثورات دول الجوار .. وسأتفق هنا بدون تردد على أن ليبيا لن تكون بدعاً من ذلك .. فأخبار سقوط الشهداء فى طرابلس وبنغازي والزنتان والبيضاء وأجدابيا ودرنة .. فى إنتفاضة (15 فبراير ) جعل من مطلب ضرورة تنحي النظام إستحقاقاً لا مناص منه .. ففي كافة أنحاء العالم جرى العرف بأن التنحي ثمن طبيعي للفشل .. فكيف إذا قوبل الإحتجاج السلمي على الفشل المتواصل بالقتل والترويع .
وعلى بعد أقل من 40 مترا من مكان وقوفي تجمع ما يقرب من 450 متظاهر .. من ذوي العُصب الخضراء .. سألنا عنهم فقيل أنهم طلبة دراسات عليا فى بريطانيا .. حاولت التقصي عمّا يجري فى الجوار .. فإقتربت منهم من أجل معرفة وجهة نظرهم .. فوجدت شعباً أخر لا علاقة له بالأخلاق .. ولا بقيم التظاهر السلمي .. ولا بتقاليد أسوياء البشر فى التعاطي .. شتائم / إتهامات / هتافات هستيرية / إشارات قبيحة / خروج عن تقاليد الاحتجاج السلمي ( كما شاهدت ، وسجلت عدسة تلفزيون بي بي سي العربي ).
فى الحقيقة لا أدري لماذا تذكرت فى تلك اللحظة ما يقال فى بنغازي هذه الأيام عن " أصحاب القبعات الصفراء " .. وما يقومون به من أعمال بلطجة .. فيبدو أن أصحاب " العصابات الخضراء " يمارسون ذات الدور .. ربما يخففه فقط وجودهم فى دولة ذات قانون صارم .
طلبني أحدهم ( بعد أن تعرف عليّ على ما يبدو ) بعيدا عن العيون .. وهناك همس لي بأنه حضر لأن دراسته وحلمه أصبحا فى مهب الريح .. وأنه لا يتعاطى السياسة .. على حد قوله .. غير أن جهات تحفظ عن تسميتها ـ بالمكتب الشعبي بلندن ـ دفعت بالكثير ممن حضروا ـ فى شبه عملية مقايضة ـ الى هذا المكان دون رغبة منهم.. وأضاف وهو يواري ما يشبه الخجل ( وما جعلني اشفق بدوري على وطن هذه شريحة من طلابه المبتعثين للدراسات العليا ) بأنهم منحوا كل طالب شارك فى المظاهرة مبلغ (300) باوند !! .
عدت أدراجي الى حيث يتظاهر ليبيو المهجر بعيدا عن اللافتات الإيدلوجية أو الحزبية .. وسألت ماذا تريدون .. فجاء جواب من رصدت أراءهم بأنه يرغبون فى تغيير النظام .. وبعضهم عبّر بعبارة : لا بد أن يرحل العقيد القذافي يكفيه 42 سنة .. شابة ليبية سألتها فقالت : نحن أيضا نستحق الحرية .. نريد أن نعيش حياتنا بدون مشانق وبدون هتافات دموية مثل هذه ( وأشارت الى مظاهرة طلبة الدراسات العليا).